كيفية التعامل مع خجل طفلي؟


الخجل


كثير من الأطفال يشبون منطوين على أنفسهم خجولين يعتمدون اعتمادًا كاملاً على والديهم ويلتصقون بهم و لا يعرفون كيف يواجهون الحياة منفردين ويظهر ذلك بوضوح عند التحاقهم بالمدرسة, فالطفل الخجول عادة ما يتحاشى الآخرين و لا يميل للمشاركة في المواقف الاجتماعية ويبتعد عنها و يكون ضعيف الثقة بنفسه وبالآخرين,  متردد, صوته منخفض وعندما يتحدث اليه شخص غريب يحمر وجهه وقد يلزم الصمت و لا يجيب ويخفي نفسه عند مواجهة الغرباء.

ماهي المرحلة العمرية التي يبدأ فيها الخجل؟

يبدأ الخجل عند الاطفال في الفئة العمرية 2 ـ3 سنوات ويستمر عند بعض الاطفال حتى سن المدرسة اي من 5 الي 6 سنوات وقد يختفي او يستمر الي سن اكبر من ذلك

تعريف الخجل

احيانا نجد من يدمج بين الخجل و الحياء, فما هو الخجل و ما هو الحياء؟

الخجل : هو عدم المشاركة من الطفل وانطوائه عند ملاقاة الآخرين.

 أما الحياء : فهو التزام الطفل بمنهاج الفضيلة وآداب الإسلام او الدين فهو خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أشدُ حياء من العذراء في خِدرها ) رواه مسلم .
وقد مر صلى الله عليه وسلم على رجل يعاتب أخاه في الحياء فقال له صلى الله عليه وسلم : ( دعه فإن الحياء من الإيمان ).
فليس من الخجل في شيء أن يتعود الطفل منذ نشأته على الاستحياء من فعل المنكرات وارتكاب المعاصي ، أو أن يتعود الطفل على توقير الكبير وغض البصر عن المحرمات ، وليس من الخجل في شيء أن يتعود الطفل منذ صغره على تنزيه اللسان بأن يخوض في أحد أو يكذب أو يغتاب ، وعلى صرف الوقت في طاعة الله وابتغاء مرضاته ، وهذا المعنى من الحياء ، هو ما أوصى به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين قال فيما رواه الترمذي : " استحيوا من الله حق الحياء قلنا ـ أي الصحابة ـ إنا نستحي من الله يا رسول الله والحمد لله فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس ذلك : الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وأن تذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا وآثر الآخرة على الأولى فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء".

 أعراض مشكلة الخجل لدى الأطفال

وللخجل اعراض سلوكية واعراض جسدية واعراض انفعالية داخلية .

1.     اعراض سلوكية وتشمل:

·        قلة الكلام بحضور الغرباء.

·        النظر دائما لأي شيء عدا من يتحدث معه.

·         تجنب لقاء الغرباء أو الأفراد غير المعروفين له.

·         مشاعر ضيق عند الاضطرار للبدء بالحديث أولا.

·        عدم القدرة على الحديث والتكلم في المناسبات الاجتماعية والشعور بالإحراج الشديد إذا تم تكليفه بذلك.

·        التردد الشديد في التطوع لأداء مهام فردية أو اجتماعية (أي مع الآخرين).

2.      أعراض جسدية تشمل:

·        زيادة النبض، إحمرار الوجه،الإرتباك،التوتر.

·        مشاكل وآلام في المعدة.

·         رطوبة وعرق زائد في اليدين والكفين.

·         دقات قلب قوية.

·         جفاف في الفم والحلق.

·         الارتجاف والارتعاش اللاإرادي.

3.       أعراض انفعالية داخلية (مشاعر نفسية داخلية) وتشمل:

·        الشعور والتركيز على النفس.

·        الشعور بالإحراج.

·         الشعور بعدم الأمان وعدم الثقة و الخوف.

·         محاولة البقاء بعيدا عن الأضواء.

·         الشعور بالنقص.

اسباب الخجل  :

   
الخجل عند الأطفال له أسباب كثيرة أهمها :
1-     الوارثة :
    
حيث تلعب الوارثة دورًا كبيرًا في الخجل عند الأطفال ، فالجينات الوراثية لها تأثير كبير على خجل الطفل من عدمه ، فالخجل يظهر مع الطفل منذ ولادته ، وهذا ما أكدته التجارب لأن الجينات تنقل الصفات الوراثية من الوالدين إلى الجنين ، والطفل الخجول غالبـًا ما يكون له أب او ام يتمتعوا بصفة الخجل ، وإن لم يكن الأب او الام كذلك فقد يكون أحد أقاربهم كالجد أو العم .. إلخ, فالطفل يرث بعض صفات والديه او اقاربه.
2-     مخاوف الأم الزائدة :
    
أيّ أم تحب طفلها باعتباره أثمن ما لديها ؛ لذا تشعر الأم بأن عليها أن تحميه من أي أذى أو ضرر قد يصيبه ، ولكن الحماية الزائدة عن الحد تجعلها تشعر بأن طفلها سيتعرض للأذى في كل لحظة ، ومن دون قصد تملأ نفس الطفل بأن هناك مئات من الأشياء غير المرئية في المجتمع تشكل خطرًا عليه ، ومن ثم يشعر الطفل بالخوف ، ويرى أن المكان الوحيد الذي يمكن أن يشعر فيه بالأمان والاطمئنان وهو إلى جوار أمه ، ومثل هذا الطفل يشعر بالخوف دائمـًا ولا يستطيع أن يعبر الطريق وحده ، أو يستمتع بالجري أو اللعب أو السباحة في البحر ؛ لأنه يتوقع في كل لحظة أن يصاب بأذى، ويظل منطويـًا خجولاً بعيدًا عن محاولة فعل أي شيء خوفـًا من إصابته بأي أذى, وفي بعض الأحيان يصل خوف الأم على طفلها إلى درجة تؤدي إلى منعه من الاختلاط واللعب مع الأطفال الآخرين خوفا عليه من تعلم بعض السلوكيات غير الطيبة أو تعلم بعض الألفاظ غير اللائقة فيصبح الطفل منطويـًا خجولاً يفضل العزلة والانطواء ، ويخشى من الاندماج في أية لعبة مع الأطفال الآخرين .
3-     مشاعر النقص التي تعتري نفسية الطفل:
   
يعاني بعض الأطفال من مشاعر النقص نتيجة نواقص جسمية أو عاهات بارزة ، وهذه النواقص والعاهات تساعد على أن ينشأ هؤلاء الأطفال خجولين ويميلون للعزلة ، ومن هذه النواقص والعاهات البارزة ضعف البصر، وشلل الأطفال، وضعف السمع، واللجلجة في الكلام ، أو السمنة المفرطة، أو قصر القامة المفرط , او العرج او طول الانف او السمنة او انتشار الحبوب والبثور والبقع في وجهه او بسبب كثرة ما يسمعه من الاهل من انه دميم الخلقة ويتأكد ذلك عندما يقارن نفسه بأخوته او اصدقائه وقد تكون مشاعر النقص تلك تتكون بسبب انخفاض المستوى الاقتصادي للاسرة الذي يؤدي لعدم مقدرة الطفل على مجاراة اصدقائه فيشعر بالنقص وبالتالي الخجل.
   
وقد يعاني بعض الأطفال من الخجل نتيجة مشاعر النقص الناتجة عن أسباب مادية ، كأن تكون ملابسه رثة وقذرة لفقره ، أو هزالة جسمه الناتج عن سوء التغذية ، أو قلة مصروفه اليومي ، أو نقص أدواته المدرسية وكتبه .
4-    التأخر الدراسي
ان انخفاض مستوى الطفل الدراسي مقارنة بمن هم في مثل سنه يؤدي لخجله.
5-     افتقاد الشعور بالأمن:
الطفل الذي لا يشعر بالأمن والطمأنينة لا يميل الى الاختلاط مع غيره اما لقلقه الشديد واما لفقده الثقة بالغير وخوفه منهم ، فهم في نظره مهددون له يذكرونه بخجله ، وخوفا من نقدهم له .
كذلك الطفل تنتابه تلك المشاعر مع الكبار فيخشى من نقد الكبار وسخريتهم خاصة الوالدين.
6-     اشعار الطفل بالتبعية:
بجعل الطفل تابعا للكبار وفرض الرقابة الشديدة عليه وذلك يشعره بالعجز عند محاولة الاستقلال وكذلك اتخاذ القرارات المتعلقة به مثل لون الملابس وماذا يريد ان يلبس ويكثر الوالدين من الحديث نيابة عن الطفل وعدم الاهتمام بأخذ رأيه فمثلا يقول الوالدين احيانا : (ابني/ابنتي يحب السكوت ) مع ان هذا الطفل لم يتكلم ولم يعبر عن رأيه اطلاقا.
7-    طلب الكمال والتجريح امام الاقران:
      يلح بعض الأباء و الامهات في طلب الكمال في كل شيء في اطفالهم في المشي ، في الاكل ،        في الدراسة ويغفل الوالدين عن ان السلوكيات يتعلمها الطفل بالتدريج وهناك بعض الاباء اوالامهات لا يبالي بتجريح الطفل امام إقرانه وذلك له اكبر الاثر في نفسية الطفل ,تكرار كلمة الخجل امام الطفل ونعته بها فيقبل الطفل بهذه الفكرة وتجعله يشعر بالخجل وتدعم عنده هذه الكلمة الشعور بالنقص .
8-    الخلافات بين الزوجين :
تسبب مخاوف غامضة للطفل ، وتجعله لا يشعر بالأمان ، مما يؤثر على نفسيته ، وقد يصل في هذه الحالة إلى الإنطواء ويلوذ بالخجل .


ولعلاج تلك المشكلة نقترح اتباع التالي :

   يمكننا أن نقي أطفالنا من مشاعر الخجل والانطواء على الذات من خلال اتباع الآتي :

ü     التعرف على الأسباب وعلاجها فمثلا ان كان سبب خجل الطفل هو اضطراب باللغة, على الوالدين ان يسارعا في علاج هذه المشكلة لدى الطفل و يعرضونه علي دكتور تخاطب مثلا.
ü     تشجيع الطفل على الثقة بنفسه ،و تعريفه بالنواحي التي يمتاز فيها عن غيره و حثه عليها.
ü     عدم مقارنته بالأطفال الآخرين ممن هم افضل منه و ايضا عدم ثناء الاهل ومدحهم لشقيق الطفل الخجول امامه، فذلك يضعف ثقته بنفسه ويسبب له الحرج والخجل.
ü     توفير قدر كاف من الرعاية والعطف والمحبة للطفل.
ü     الابتعاد عن نقد الطفل باستمرار وخاصة امام إقرانه او اخوته.
ü     يجب ان لا ندفع الطفل للقيام بأعمال تفوق قدراته ومهاراته و علينا تنمية المهارات التي لديه .
ü     العمل على تدربيه في تكوين الصداقات وتعليمه فن المهارات الاجتماعية.
ü     الثناء على انجازاته ولو كانت قليلة.
ü     أن يشجع الطفل على الحوار من قبل الوالدين كما يجب ان يشجع على الحوار مع الاخرين خصوصا مع من هم اكبر منه سنا حتي يتخطي مرحلة الخجل.
ü     تدربيه على الاسترخاء لتقليل الحساسية من الخجل ويقلل من تسارع دقات القلب واحمرارالوجه .
ü     تعويد الطفل على الاندماج في المجتمع واختلاطه بالآخرين كأخذه في نزهة الى احد المتنزهات و اشراكه في اللعب مع الاطفال.
ü     العلاج العقلي  بتعليم الطفل ان يتحدث مع ذاته لمحاولة القضاء على الافكار السلبية مثل ( انا خجول ) و ابدالها بافكار اكثر ايجابية مثل ( سأنجح ، سأكون اكثر جرأة).
ü      على الأهل عدم القلق الزائد المبالغ فيه على اطفالهم كي لا ينشأوا على عدم الاختلاط وتفضيل الإنطواء.
ü     عدم القسوة على الطفل لدى ارتكابه خطأ ما، فتكرار ذلك يؤدي إلى شعوره بالنقص.
ü     عدم إشعار الطفل بالنقص بسبب وجود عيب خلقي دائم كالعرج أو التأتأة وغيرها.:

الاديان السماوية ومشكلة الخجل
فـــــي الاســــــلام:
نجد الكثير من الاحاديث النبوية الشريفة التي تتحدث عن الحياء و ليس الخجل فهذا يعني ان الحياء محبب في الاسلام علي عكس الخجل
قال رسول الله صل الله عليه و سلم (الإيمان بضعٌ وستون شعبة والحياء شعبةٌ من الإيمان ) رواه البخاري

 كان الفاروق عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يصطحب بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ في حضور مجالس الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وكان عبد الله دون الحلم ـ أي طفل لم يبلغ سن البلوغ ـ كما كان عمر ابن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يدخل عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنه ـ ، وكان دون الحلم في أيام خلافة عمر في مجالس الشورى مع أشياخ بدر ، ومما تناقلته كتب الأدب أن صبيـًا تكلم بين يدي الخليفة المأمون فأحسن الجواب فقال له المأمون : ابن من أنت ؟ فقال الصبي : ابن الأدب يا أمير المؤمنين ، فقال المأمون : نعمَ النسب وأنشد يقول :
كن ابن من شئت واكتسب أدبـًا          يغنيك محمـــوده عن النسـب
إن الفتى من يقـول هـا أنــــا ذا         ليس الفتى من يقول كان أبي
ودخل على عمر بن عبد العزيز في أول خلافته وفود المهنئين من كل أقطار الخلافة ، فتقدم وفد من الحجازيين لتهنئة عمر بن عبد العزيز ، تقدمهم غلام صغير لم يبلغ سن إحدى عشرة سنة فقال له عمر : ارجع أنت وليتقدم من هو أكبر " أسن " منك ، فقال له الغلام : أيد الله أمير المؤمنين بأصغريه قلبه ولسانه فإذا منح الله العبد لسانـًا لافظـًا وقلبـًا حافظـًا فقد استحق الكلام ، ولو أن الأمر يا أمير المؤمنين بالسن لكان في الأمة من هو أحق منك بمجلسك هذا ، فتعجب عمر من كلامه وأنشد قائلاً :
تعلم فليس المرء يطفل عالمـًا          وليس أخو علم كمن هو جاهل
وإن كبير القوم لا علم عنـده          صغير إذا التفت عليه المحـافل
و فــــفــي الــمـــســيــحــيــة
نجد ايضا ان الخجل امر غير محبب
"(لا تستحي حياء به هلاكك" (سفر يشوع بن سيراخ(27:4)
    "(اَلصِّدِّيقُ يُبْغِضُ كَلاَمَ كَذِبٍ، وَالشِّرِّيرُ يُخْزِي وَيُخْجِلُ" (سفر الأمثال (13:5)

و أخيرا
علينا كأباء ان نفهم ابنائنا بأن يكونوا اجتماعيين لديهم المقدرة علي التحدث امام من هم اكبر منهم سنا و تعويدهم ان هذا شئ طبيعي فانت تتكلم مع من اكبر سنا منك في اماكن كثيرة مثل عندما تتحدث مع جدك او جدتك او اقاربك او معلمتك في المدرسة او مدربك بالنادي فلا داعي للخجل و انت تتحدث معهم و اذا كان احد الاباء يواجه هذه المشكلة فعليه التخلي عن تلك المشكلة امام ابنائه و محاولة تشجيعهم علي تخطيها.

المراجع:
Islamweb.com
saudi-teachers.com
Islamqa.com
St-takla.org
M.M.Elansary




تعليقات