الكـــــــــذب عــــنــــد الاطــــــــــفــــــال


مشكلة الكذب :

يعد الكذب سلوك اجتماعي مكتسب من البيئة المحيطة وهو شئ لا يورث شأنه شأن نقيضيه الصدق والامانة. ويعتبر الكذب بكل انواعه سلوك غير سوي ينتج عنه ان عاجلاً او آجلاً العديد من المشكلات الاجتماعية. الا انه قد يكون من المغالاة وصف سلوك طفل ما بين عمر الثلاث الى الست سنوات بالكذب على الرغم من أنهم قد يبتدعون ويحرفون الكلام ويطلقون العنان لخيالهم في أمور ليس لها أساس من الصحة، وقد يصل بهم الامر الى عدم التمييز بين الواقع والخيال في هذه المرحلة السنية المبكرة. وقد يكون الكذب في السنوات الأولى ضرورة للطفل لكن ينبغي التحفظ على ذلك الرأي إذا كان سلوكاُ مبالغا فيه وإذا كان الكذب هو اخبار الآخرين بما يعرف انه مخالف للحقيقة حتى لا ينمو هذا السلوك الى طور التعود.
اسباب مشكلة الكذب:
1.    اسباب اسرية:
وهنا تظهر اهمية القدوة الحسنة فمشاهدة الصغير للكبار يكذبون يعد من الاسباب الرئيسية التي تدعم هذا السلوك كأن يجد الطفل الوالدين او الاخوة يقولون لمن يقرع الباب او يتصل بالتليفون انه غير موجود وهو موجود او يرى الكبير يتغيب عن العمل ويدعي انه كان مريضاً.   
2.    الهرب من العقوبة: خاصةً عندما تكون العقوبة المترتبة على الخطأ مهددة للطفل ومهددة بفقد السند العاطفي، ومن ثم الأمن، يكون الملاذ هو الكذب.
3.    ـ عامل الشعور بالنقص: وتكون بهدف التعويض وسط الأقران خاصة الغرباء منهم.
4.    ـ التعزيز: وهو اما تعزيز مقصود من الكبار مثلما يرتضى احد الوالدين او كلاهما تبريرات الطفل لبعض المواقف والأخطاء وهم يعلمون أنها كذب او يدفعونه لقول الكذب امام المدرس او المدرسة حتى لا يقع عليه عقاب.
5.    -اعتقاداً من الطفل أن الكذب شيء مضحك.
6.    الغيرة من اخواته او اصدقائه.
7.    لكسب تعاطف المحيطين.


أنواع و أشكال الكذب:
اتفق العلماء و أخصائيين التربية بأن هناك أشكال عديدة للكذب يلجأ اليها الاطفال وهنا سنأتي برأيين  قد اتفقا علي اشكال الكذب لدي الأطفال و هم د/طارق سويدان و أخصائية التواصل بالمركز المصرى للاستشارات الزوجية والأسرية  دكتورة نبيلة السعدى وهم كالاتي:

1 ـ الكذب الخيالي: سعة خيال الطفل قد تقوده الى ابتداع مواقف لا اساس لها من الصحة ليجد نفسه بين الآخرين ولا يتجاهله من حول ويعتبر الكذب الخيالي سلوك طبيعي لسماع الأطفال للحكايات، فهم يختلقون الحكايات من أجل المتعة، ومن الخطأ اتهامه هنا بالكذب أو معاقبته عليه
فالأطفال مازال لديهم اختلاط بين الخيال والواقع.

2
ـ كذب الالتباس: قد يقع الطفل في الكذب أحيانا عن غير قصد كأن تلتبس عليه الحقيقة او لا تسعفه ذاكرته على سرد التفاصيل فيحذف او يضيف اليها بما يتناسب وإمكاناته العقلية.

3
ـ كذب التفاخر: يشعر بعض الاطفال بنقص يجعلهم يلجأون الى تفخيم الذات امام الآخرين فقد يدعي الطفل غني أسرته او منصب كبير لوالد ويظهر هذا النوع من الكذب عند الأطفال في سن المدرسة وهناك سببان يدفعا الطفل لممارسة الكذب الادعائى الأول تكون المفاخرة والمسايرة لزملائه الذين يحدثونه عن آبائهم أو منازلهم أو لعبهم، والثانى يكون بسبب جذب عطف الوالدين عليه ويكثر هذا اللون عندما يشعرون بالتفرقة بينهم وبين أخواتهم.

4
ـ الكذب انتفاعي: وهو الاكثر شيوعا بين الاطفال ويكون يهدف الهروب من عقوبة او التخلص من موقف محرج فينسب الأحداث لغيره.

5
ـ الكذب بالتقليد (المحاكاة): وهو تقليد المحيطين لمن حوله كأسلوب المبالغة الذي يبدو من الوالدين او احدهم فيقوم الطفل بالكذب عند مشاهدته أحد والديه يكذب أمامه وهو يعرف حقيقة الأمر، فيشعر أن الكذب أمر بسيط، وقد يكذب الطفل لمجرد التقليد.

6
ـ كذب اللذة: ويمارسه الطفل أحيانا ليخلط الأمور على الكبير ويوقعه في بعض المواقف او يقاوم سلطته الصارمة.

7
ـ الكذب الكيدي: فقد يلجأ الطفل الى الكذب حتى يضايق من حوله، لإحساسه انه مظلوم او لشعوره الغيرة الذي يسيطر عليه نتيجة حصول الآخرين على امتيازات, او قد يكذب الطفل لإلقاء التهمة أو اللوم على شخص أخر يكرهه أو يغار منه أو قام بظلمه.

8
ـ كذب عدواني سلبي: كأن ينتحل الطفل عذراً غير حقيقي او مبالغ فيه ليظل سلبياً عندما يطلب منه عمل شيء او تحقيق هدف.

9
ـ كذب جذب الانتباه حينما يفقد الطفل اهتمام من حوله رغم سلوكياته الصادقة او السوية، فقد يلجأ الى السلوك غير الصادق حتى ينال الاهتمام والانتباه.

10
ـ الكذب المرضي: حيث يلجأ الطفل الى الكذب بطريقة لا شعورية وقد يستمر معه حتى مرحلة متأخرة قد تصل لسن الرشد وقد يتطور الى الكذب المتقن الذي يرتبط باضطراب السلوك المتضمن مشكلات أخرى مثل السرقة او الهروب من المدرسة و يتجه ايضا الأطفال لهذا النوع من الكذب للتعتيم على مشكلة كبيرة قاموا بها حتى لو كان في ذلك إيذاءاً أو استغلالاً للآخرين. ويصبح الكذب المرضي متأصلا في طبيعة الطفل ومتمكنا من شخصيته إلى حد يصعب التمييز بين صدقه وكذبه.

ولعلاج هذه المشكلة نقترح مايلي:

يشير د/ طارق سويدان لعلاج مشكلة الكذب لدي الاطفال الي انه يجب مراعاة الاتي:

ü     العقاب وسيلة مضللة لتعديل سلوك الكذب حيث يتوجب على الابوين دعم فكرة ان الاعتراف بالخطأ ليس من العيوب وان الصدق في قول الأحداث كما وقعت يؤدي الى تجاوز العقاب. فإثابة الطفل على قول الصدق لإعطائه دافعاً في أن يكون صادق دائماً امر واجب حتي يلتزم الصدق.
ü      توافر القدوة الحسنة في ممارسة السلوكيات الصادقة فكون الوالدان قدوة حسنة أمام الطفل فلا يجب أن يقعا في الكذب مطلقاً.
ü     توفير قصص للأطفال عن نتائج الكذب وما يقع على الكذاب من عقاب في الدنيا والأخرى تعزيز قيمة الصدق وقول الحقيقة عند الطفل من خلال اللعب وقراءة القصص.
ü     عدم انزعاج الوالدين وكذلك الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة ويفضل ان يوضح الوالدان للطفل الفرق بين الخيال والحقيقة.
ü     البعد عن تحقير الطفل لان ذلك يخفض من مفهومه لذاته ودعم الثقة بالنفس لديه واظهار مواطن التفوق ودعمها.
ü     البعد عن القسوة و الضرب عند ارتكاب الأخطاء من قبل الصغار وعدم التفرقة في معاملة الأخوة.
ü     البعد عن السخرية من الطفل او تأنيبه لأتفه الأسباب.
ü     مراجعة العيادات النفسية في حالة الكذب المرضي مع عدم إخبار المقربين من الطفل بمشكلته او سلوكياته، وربما احتاج الأمر الى علاج عائلي يركز على فهم تركيبة الأسرة ودينامياتها، بهدف تغيير بعض التفاعلات الأسرية الأكثر إسهاما في ظهور الكذب لدى الطفل، وأحيانا يحتاج الأمر الى جلسات منتظمة لأكثر من شهر مع أسرة الطفل لإعطاء معلومات وملاحظات عن سلوكه، وتنفيذ أساليب خاصة داخل المنزل ويطلق على ذلك التدريب: التدريب العلاجي للآباء.
ü      معرفة دوافع الكذب عند الطفل قبل أن يتحول لكذب مرضي.
ü     تعويد الطفل على الاعتذار عن الكذب و لكن يجب ان يكون بأسباب واقعية و مقنعة.

و تشير دكتورة نبيلة السعدي-أخصائية التواصل بالمركز المصرى للاستشارات الزوجية- لعلاج الكذب والقضاء على هذه الظاهرة التي تزعج الكثير وتضع الوالدين في مواقف محرجة ومن هذه النصائح:
1 ـ إشباع حاجات الطفل بقدر المستطاع والعمل على أن نغرس القيم الدينية لديه وكذلك الخوف من الله .
2 ـ أما علاج الأطفال الذين يميلون لسرد قصص غير واقعية فيأتي عن طريق إقناع الطفل بأنك ترى فعلا في قصته طريقة ولكنك بالطبع لا توافق العمل بها وذلك مع التوضيح للطفل والبعد عن التوبيخ والعقاب البدني.
3 ـ يجب أن يشعر الطفل بأن الصدق يجلب له النفع وأنه يخفف من وطأة العقاب في حالة ارتكاب الخطأ وأن الطفل الذي يكذب ويصطنع الكذب يؤدى إلى فقدان الثقة بالنفس والحرمان وعدم احترام الآخرين له .
4 ـ أما دور الآباء والأمهات فيجب أن يكون حلهم لمشكلات أطفالهم عن طريق التفكير العلمي الموضوعي السليم وليس عن طريق العقاب الشديد واحترام الطفل والثقة لأن الأب والأم يقومان بدور المخبر السري عن صدق أبنائهما وهذا يشعرهم بعدم الثقة فيهم، أما إشعار الطفل بأنه محل احترام وثقة الجميع لا يدفعه للكذب.
و قد اتفقا د/ طارق سويدان و د/ نبيلةالسعدي في هذه النقاط:
·         عدم تجاهل الكذب الذي يقوم به الطفل.
·         إعطاء الطفل فرصة للاعتراف بخطئه.
·         اختيار عقاب يناسب كذبة الطفل.
·         قبول اعتذار الطفل إن اعتذر.
·         تعليم الطفل كيف يصلح كذبه.

الاديان السماوية و الكذب :
ففي الاســــــلام:
علينا ان نعلم ابنائنا الحديث النبوي الشريف حيث وقــد حــذر النبـــي صلي الله عليه و سلم مـن الكذب وبيَّن سـوء عاقبتــه فقــال :
" ..
وإن الكـذب يهـدي إلـى الفجـور ، وإن الفجــور يهــدي إلــى النــار ، وإن الرجـل
ليكــذب حتــى يكتــب عنــد الله كذابـاً ".[ متفق عليه)
وعن أبي الحوراء السعدي قال :
قلت للحسن بن علي رضي الله عنه : ماحفظت من رسول الله ؟ قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دع مايريبك إلى مالا يريبك ؛ فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة ).
صحيح : رواه الترمذي وقال حسن صحيح . وأحمد والطيالسي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وابن حبان.

  و في المســــيــحــيـة :

"صُنْ لِسَانَكَ عَنِ الشَّرِّ، وَشَفَتَيْكَ عَنِ التَّكَلُّمِ بِالْغِشِّ" (سفر المزامير (13:34)
"الكذب عارٌ قبيحٌ في الإنسان، وهو لا يزال في أفواه فاقدي الادب" (سفر يشوع بن سيراخ (20:26)

 و أخـــيــرا
يجب ان نكون قدوة لابنائنا وان نكون علي يقين بانهم سيتأثرون بنا ,فعلينا ان ننتبه لافعالنا و لحديثنا مع الاخرين امامهم و ان نأخذ بعين الاعتبار بانهم في مثل سنهم هذا يقلدوننا و اذا وجدوا في حديثنا نوع من انواع الكذب فسيقلدونا و سيأخذونه منهج في حياتهم و سيظل دائما يقول "و لماذا لا اكذب و ابواي يكذبان" و سيسلك هذا منهجا في حياته و سيكتسب تلك الصفة و سيكون من الصعب علاج هذه المشكلة بل و ستنمو معه و بالتالي سيصبح كاذبا في اقواله وافعاله و قد يصل الي الكذب المرضي بل و انه ايضا سيصبح لا يثق في اقوال و افعال الاخرين و بالتالي سينعكس هذا علي ابنائه في المستقبل, فتلك المشكلة هي حقا مشكلة خطيرة و لكن الاهم هو كيف سنتعامل معها مع ابنائنا فعلينا الا نتجاهلها او نخفق في معالجتها مع العلم ان معالجة تلك المشكلة مبكرا ستكون اسهل و ابسط علينا, و ستكون مثمرة حقا اذا اتبعنا السرد القصصي لهم فهذه الخطوة من وجهة نظري تؤثر فيهم حقا اذا انهم يضعون انفسهم مكان بطل القصة و بالطبع يريدون الا يقع عليهم العقاب الذي لحق ببطل القصة.

المراجع:
almoslim.net
St-takla.org
د. طارق سويدان مقال سلوكيات الاطفال
Se7aonline.com
Suwaidan.com
M.M.Elansary

تعليقات

إرسال تعليق